ان القرآن والسنة النبوية المطهرة هما المصدران الأساسيان في استنباط الأحكام الفقهية والقواعد التشريعية والأصولية ، لهذا نرى علماء المسلمين وقفوا عند كل نص من الكتاب والسنة واستنبطوامافيه من أحكام فقهية وأمور تشريعية ، فالمفسرون استنبطوامافي القرآن من فقه وأحكام ، والمحدثون استخلصوامافي السنة أيضا من ذلك،والفقهاء جمعوا الأحكام وأدلتها من الكتاب والسنة في كتبهم الفقهية ،علما أن هناك تداخلاً كبيراً بين هذه العلوم، فمفسر القرآن لاغنى له عن النظر في السنة، وكذا شارح الحديث لاغنى له عن الرجوع إلى القرآن، والفقيه لاغنى له عنهما معاً.
ولقد اختلف المفسرين في تناولهم للأحكام قلة وكثرة ولعل السبب الذي جعل المفسرين يختلفون هذا الاختلاف هو اختلاف مشاربهم وتنوع ثقافاتهم .. فنزع كل منهم الى الاهتمام بالفن الذي أجاد فيهافالفقيه في تفسيره اهتم بالأحكام الفقهية، والمحدث اهتم بذكر الأحاديث ومناقشة أسانيدها، والنحوي واللغوي كذلك اهتم كل منهما بالفن الذي أجاده وبرع فيه.
توسط ابن كثير في تناوله للأحكام الفقهية والأصولية عموماً:
ولانكون مغالين إذا قلنا: إن الحافظ ابن كثير-رحمه الله- من أبرز هذه الطبقة التي وقفت من الأحكام الفقهية والأصولية موقفاًوسطا، فتناولت هذه الأحكام بحدود المعقول والمقبول في تفسير القرآن، فلم يهمل الكلام على الأحكام والمقام يتطلبه، ولم يحمّل النص القرآني مالم يدل عليه، وإن كان هناك استطراد في بعض المواضع فهو إلى حد مستساغ مقبول
تفسير القرآن الكريم كاملا ً لإبن كثير[center]