Admin Admin
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/04/2011 الموقع : http://stilsami.unblog.fr
| موضوع: المستشرقون و تحقيق التراث العربي الخميس أبريل 07, 2011 8:54 pm | |
|
نظم مخبر مخطوطات الحضارة الإسلامية في شمال إفريقيا (جامعة وهران) ملتقى حول موضوع " المستشرقون وتحقيق التراث العربي" وذلك يومي 9 و10 جوان 2010. وشارك في هذا الملتقى العديد من الباحثين من مختلف الجامعات الجزائرية. وألقيت بهذه المناسبة العلمية، تسعة وثلاثون محاضرة تناولت بالدراسة والتحليل ثلاثة محاور أساسية، وهي: الإستشراق وتحقيق تراث العلوم الإسلامية، الإستشراق وتحقيق العلوم الإنسانية، الإستشراق وتحقيق العلوم الطبيعية.
وبعد الإنصات إلى تلاوة آيات من القرآن الكريم والسماع النشيد الوطني، وكلمات الافتتاحية والترحيب التي ألقاها كل من الدكتور عبد الكريم بكري، المدير الأول لكلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، والدكتور دحو فغرور العميد الحالي للكلية، انطلقت أشغال الملتقى. ترأس الجلسة الأولى الدكتور بوعلام بلقاسمي (جامعة وهران). تحدث في البداية الدكتور أحسن زقور (جامعة وهران) عن دور المستشرقين في تحقيق مخطوطات الفقه الإسلامي، مركزا على تحقيق ونشر المستشرق الألماني وأستاذ بجامعة بون الدكتور ميكلوش موراني لتراث علماء المالكية، وبالخصوص لعبد الله بن وهب المتوفي عام 197هجرية. وأكد الدكتور زقور على أن موراني وقع في أخطاء كثيرة على الرغم من جديته. وتناول الكلمة بعده الدكتور الهواري يوسي (جامعة وهران) لتقييم جهود المستشرق الفرنسي ليفي بروفانسال (1894-1956) في تحقيق تراث التاريخ لبلاد المغرب والأندلس. وقدم المحاضرة الثالثة الدكتور مولود عويمر (جامعة الجزائر 2) بعنوان : "إسهامات المستشرق فرانز روزنتال (1914-2003) في إحياء المصادر الإسلامية لعلم التاريخ" لقد وقع اختيار المحاضر على هذا المستشرق الأمريكي بالذات نظرا لإلمامه الواسع بالتراث الإسلامي في مجال علم التاريخ (Historiographie)، وتفرغه التام لتحقيق أهم مصادره وترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، وتدريسها في جامعة يال الأمريكية بين عامي 1956 و1985. لقد قدم روزنتال في كتابه ”علم التاريخ عند المسلمين” الصادر في عام 1952 دراسة عميقة لنشأة علم التاريخ عند المسلمين وتطوره في الحضارة الإسلامية. ونشر روزنتال في الكتاب نفسه نصوصا مرجعية في هذا التخصص المعرفي خاصة النصان:"المختصر في علم التأريخ" لمحي الدين الكافيجي؛ و"الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ" للسخاوي. وقام الدكتور فرانز روزنتال أيضا بتحقيق مقدمة إبن خلدون و تاريخ الطبري وترجمتهما إلى اللغة الإنجليزية. وقدم في كتابه القيّم: "مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي" رؤية متكاملة لإسهامات العقل المسلم في إنتاج المعرفة، وتأثيراتها على تطور الحضارة الغربية. وتحدث الدكتور خالد بلعربي من جامعة سيدي بلعباس عن ليفي بروفانسال وتحقيقه لكتاب "البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب". وحملت المحاضرة الأخيرة للجلسة الأولى عنوان : " المستشرقون والأدب العربي" للدكتور محمد مرتاض (جامعة تلمسان) الذي ركز على أعمال كارل بروكلمان (1868-1956) ودفيد صمويل مارغوليوث (1858-1940) مشيرا إلى أصداء آراء هذا الأخير في العالم العربي التي انتهت بسجال فكري بين الكاتب المصري طه حسين ومجموعة من العلماء المسلمين. ترأس الجلسة العلمية الثانية الدكتور لخضر لخضاري (جامعة وهران). ألقى المحاضرة الأولى الدكتور عبد القادر سليماني (جامعة وهران) بعنوان: "تحريف النصوص عند المستشرقين في تحقيق التراث العربي: السيرة النبوية أنموذجا". فقدم دراسة تاريخية لآراء المستشرقين ويوليوس هاوزن (1844-1918) وكارل بروكلمان (1868-1956) ومنتغومري وات (1909-2006). وتحدث بعده الدكتور عكاشة خوالف (جامعة وهران) عن تعامل المستشرقين مع القرآن وعلومه بكثير من الافتراءات والمغالطات وعدم فهم معاني القرآن فهما عميقا وصحيحا. ويظهر ذلك جليا في الترجمات العديدة للقرآن التي قام بها المستشرقون كرجيس بلاشير (1900-1973) وجاك بيرك (1910-1995). وتناول الكلمة بعده الأستاذ عبد الحفيظ حيمي (جامعة تيارت) للحديث عن إسهامات المستشرق الهولندي رينهارت دوزي (1820-1883) في تحقيق تراث المغرب والأندلس. فقد قام بتحقيق مجموعة مصادر مغربية وأندلسية منها: المعجب لعبد الواحد المراكشي، والأجزاء الأولى لكتاب المغرب لإبن عذاري. وألف كتابه المشهور " تاريخ مسلمي اسبانيا". وبيّن المحاضر أن هذا المستشرق تحامل على الإسلام والمسلمين واتهم العرب بالخمول وحب الثأر. تحدث بعد ذلك الدكتور مختار حمحامي (جامعة وهران) عن المخطوط الفقهي في الدراسات الإستشراقية، بينما تحدث الأستاذ عمر بوعلالة (المركز الجامعي الوادي) عن منهج المستشرق الإنجليزي آرثر جيفري (1892-1959) في تحقيق كتاب "المباني في نظم المعاني" لمؤلف مجهول، وكتاب "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" لإبن عطية. وأبدى المحاضر بعض الملاحظات على طريقة هذا المستشرق في التحقيق وذلك بتحكيم عمله إلى القواعد المنهجية المتعارف عليها لدى كل مدارس تحقيق وبعث التراث المخطوط. تطرق الأستاذ الحاج هامل (جامعة الجزائر) لاهتمام المستشرق ميكلوش موراني بمصادر الفقه المالكي المخطوطة. وقدمت المحاضرة بعده باللغة الفرنسية الأستاذة سعدية شيخ (جامعة مستغانم) عن الشرق في الأدب الفرنسي ابتداء من ترجمة قالون لكتاب"ألف ليلة وليلة" في سنة 1711. ثم ذكرت الأستاذة سعدية تأثر العديد من الأدباء الفرنسيين بالشرق أمثال فيكتور هيغو (1802-1885)، غوستاف فلوبير (1821-1880)، وغوي موباسو (1850-1893) الذي خصته المحاضرة بدراسة سيمائية لبعض كتاباته مبيّنة نظرته الاستعمارية العنصرية. استأنفت أشغال الملتقى على الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر. ترأس الجلسة الدكتور غازي جاسم الشمري (جامعة وهران). تحدث في البداية الدكتور الجيلالي سلطاني (جامعة وهران) عن إسهامات المستشرقين دوزي ويوسف آشباخ في تحقيق ودراسة التراث العربي في الأندلس في عهد المرابطين. وتحدث بعده الدكتور عبد الحكيم صايم عن جهود المستشرقين في تحقيق تراث العلوم العقلية. وقدم الدكتور أحمد الحمدي (جامعة وهران) في محاضرته ملاحظات حول مسالك المعرفة لدى المستشرقين. وحرص المحاضر على تحليل أعمال المستشرقين الفرنسيين الذين اهتموا بمخطوطات الصحراء الجزائرية أمثال: مارتان، مارتي، دوفيري، فوكو، فوانو، وتوضيح مدى استفادتهم من المخطوطات التي عثروا عليها في هذه المنطقة في كتاباتهم المختلفة. وقدمت الأستاذة فاطمة بلهواري (جامعة وهران) قراءة في تحقيق ماريا خيسوس بيغيرا لكتاب" المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن مولانا أبي الحسن" لمحمد بن مرزوق التلمساني. ونالت هذه الباحثة الإسبانية بهذا العمل الأكاديمي شهادة الدكتوراه من جامعة مدريد عام 1973. فقد حققت هذا الكتاب تحقيقا دقيقا معتمدة على مصادر ومراجع كثيرة، وبيّنت الأهمية الكبيرة لهذا المسند من جوانب مختلفة، فهو يقدم صورة عن الإدارة السياسية للحكم وكيف يجب أن يكون الساسة في تسيير في شؤون الرعية. وتحدث الأستاذ مبارك جعفري (المركز الجامعي الوادي) عن المستشرق الفرنسي أوكتاف هوداس (1840-1916) وجهوده في تحقيق وترجمة مصادر التاريخ الإسلامي لغرب إفريقيا في العصر الحديث. فقد حقق وترجم ونشر أربعة مصادر هامة حول هذه المنطقة، وهي: "تاريخ السودان" لعبد الرحمان السعدي، و"تذكرة النسيان في أخبار ملوك السودان" لمؤلف مجهول، و"كتاب الفتاش" لمحمود كعت، وكتاب "نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي". وتطرق المحاضر في مداخلته للتعريف بمضامين هذه الكتب الأربعة، وإبراز منهجه في التحقيق وأهميتها العلمية خاصة وأنه ولم يبقى منها اليوم إلا ما أصدره هذا المستشرق الفرنسي. ترأس الجلسة الرابعة الأستاذ أحمد عمراني (جامعة وهران). تحدث الأستاذ محمد بوشريط (جامعة معسكر) عن منهجية ليفي بروفانسال في تحقيق كتاب "أعلام الأعلام". ودرس من جهته الأستاذ مصطفى بن واز (جامعة بشار) منهجية هذا المستشرق في تحقيق كتاب "جمهرة أنساب العرب" لإبن حزم. وتطرق الدكتور محمد بوشنافي (جامعة سيدي بلعباس) إلى مساهمة المستشرق الفرنسي دومنيك لوسياني في تحقيق ونشر التراث الجزائري المتعلق بالعهد العثماني. وتعرضت الأستاذة نوال بلمداني (جامعة معسكر) لمنهجية ليفي بروفانسال في تحقيق كتاب "مفاخر البربر". وقدم المحاضرة الأخيرة الأستاذ محمد النذير أوسالم (جامعة وهران) حول عمل لفي بروفانسال في نشر وتقديم كتاب صحيح البخاري بخط أبي عمران موسى بن سعادة الأندلسي.
وفي صبيحة يوم الخميس 10 جوان 2010 ، استأنفت أشغال الملتقى. ترأست الجلسة الدكتورة العيدية حمزة (جامعة وهران). قدم في البداية الدكتور بوزيد بومدين محاضرة بعنوان "تحقيق المستشرقين للمخطوط في علم الكلام والفلسفة العربية". وتحدث بعده مباشرة الدكتور إبراهيم لونيسي (جامعة سيدي بلعباس) عن دور المستشرق الفرنسي دو سلان (1801-1878) في تحقيق ودراسة التراث العربي الإسلامي في الجزائر. ففي عام 1845 أرسلته وزارة التربية والتعليم الفرنسية إلى الجزائر في مهمة علمية. اهتم بفهرسة المخطوطات ووضع قائمة عناوين أهم المخطوطات العربية التي تحتوي عليها المكتبة الوطنية بالجزائر ومكتبة سيدي حمودة بقسنطينة. وعيّن دوسلان في وظيفة كبير المترجمين في الجيش الفرنسي في الجزائر. قام بتحقيق مجموعة كتب ونصوص، منها: كتاب "المغرب في ذكر افريقية والمغرب" لأبي عبيد البكري، وترجمه إلى اللغة الفرنسية. وقام أيضا بترجمة مقدمة إبن خلدون، وتاريخ البربر المقتبس من كتابه العبر. تحدث بعد ذلك الأستاذ ناصر الحاج (المركز الجامعي الوادي) عن المهمة الاستكشافية للمستشرق إيميل ماسكراي واهتمامه بالتراث الإباضي خلال مهمته الأركيولوجية والأنثروجغرافية سنة 1878 ـأي قبل السيطرة الفرنسية المباشرة على المنطقةـ والتي كلف بها من طرف وزارة التعليم العمومي الفرنسية. وشملت المهمة منطقتي الأوراس ووادي مزاب، والتي تقضي بجمع أكبر قدر ممكن من المصادر الخاصة المتعلقة بأركيولوجية وإثنوغرافية كل منطقتي وادي ميزاب والأوراس. كما بيّن الأستاذ ناصر نتائج هذه المهمة على مستويين: أولهما المستوى العلمي، أي من خلال ما توصل ماسكراي إلى تحقيقه من مخطوطات إباضية تمكن من الحصول عليها. ثانيهما على المستوى الاستراتيجي، أي ما حققه ماسكراي للهيئة الرسمية التي كلفته بالمهمة، وذلك من خلال المراسلات الرسمية التي كانت له خلال، وعند انقضاء مهمته. قدمت الأستاذة غنية أوحمشيش (جامعة وهران) نظرات المستشرقين حول القرآن الكريم وعلومه، وحللت منهج ميشال كوبيرس المعتمد على البلاغة السامية. إن هذا المنهج يسعى إلى فهم البنى الكاملة (التركيب البلاغي) للأجزاء المتنافرة في أي نص معتمدا على الصور المعكوسة والتوازي الصوري كأسس نظمية جديدة. اعتمد كويبرس على هذه النظرية الجديدة لمناقشة التناقضات الظاهرية في القرآن في مزاعم المستشرقين. أكدت المحاضرة على أن الدراسة الإستشراقية للنظم القرآنية جاءت متأخرة، تعتمد على الانتقاء السلبي وهو ما يبدو جليا في نظرة المستشرقين لمسألة النسخ والمنسوخ، وتناقضهم في الطرح والتأويل. وتحدث في آخر الجلسة الدكتور مصطفى بوعبيد (جامعة معسكر) مقدما محاضرة عن ألفرد بل (1873-1945) وتحقيق كتاب "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد" ليحيى بن خلدون. عرّف في البداية بالمستعرب الفرنسي، وبأهم أعماله في مجالي البحث التاريخي والأثري، وأشار إلى إصداراته في هذين الميدانين، سواء في "المجلة الإفريقية"، أو "النشرة الأثرية"، أو كتب مستقلة. ثم ركز في مداخلته على كتاب "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد" ليحيى بن خلدون، وإقدامه على تحقيقه ونشره سنة 1910، متعرضا إلى النسخ المخطوطة التي اعتمدها في التحقيق، ومنهجه في التحقيق، وأهم الأخطاء التي وقع فيها. وأشار في الأخير إلى دور المؤرخ الجزائري عبد الحميد حاجيات في إعادة تحقيق الجزء الأول من هذا الكتاب، والأستاذ بوزيان الدراجي في إعادة تحقيق الجزء الثاني منه. ترأس الجلسة السادسة الدكتور عبد القادر داودي (جامعة وهران). تحدث الدكتور محمد صاحبي (جامعة وهران) عن جهود المستشرق الفرنسي رونيه باسي (1855-1924) في فهرسة التراث العربي المخطوط في الجزائر. وتحدث بعده الدكتور محمد بوشقيف (جامعة تلمسان) عن دور المستشرقين في تحقيق التراث التاريخي الزياني، لا سيما المستشرقان الفرنسيان: الأب بارجيس (1810-1896) الذي حقق كتاب "نظم الدر والعقيان في شرف بني زيان" لمؤلفه أبي عبد الله التنسي، والمستشرق الفرنسي ألفرد بل (1873-1945) محقق كتاب "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد" ليحي بن خلدون. وختم الدكتور بوشقيف محاضرته بإبراز أهم الأخطاء التي وقع فيها المستشرقان الفرنسيان في تحقيق الكتابين المذكورين. وتحدث بعده الأستاذ عبد الحق شرف (جامعة تيارت) عن مجلة المعهد المصري بمدريد التي نشرت العديد من الدراسات الإستشراقية المهمة، خاصة ما تعلق منها بالتراث الأندلسي. وعلى مدار خمسة وخمسين سنة من العطاء (1953-1998)، ضمت هذه المجلة أبحاث قيّمة لكبار المستعربين الأسبان. أكد الأستاذ شرف على ضرورة الاهتمام بهذا الإنتاج العلمي ودراسته دراسة نقدية لإثراء التراث الحضاري الإسلامي بربطه بما أنتجه العقل المسلم في الأندلس خلال عدة قرون في مختلف العلوم والفنون. وتطرق الدكتور محمد بوكربة (جامعة وهران) إلى جهود المستشرق ليون فليكس غوتيه (1864-1940) في كتابة تاريخ المغرب العربي. وتحدث الأستاذ عبد الجليل ملاخ (جامعة أدرار) عن المستشرق البولوني دي كالاسنتي موتيلنسكي (1854-1907) الذي حقق كتاب "أخبار الأئمة الرستميين" للمؤرخ إبن الصغير الذي عدّ المصدر الوحيد الذي عايش أواخر عهد الدولة الرستمية (160-296هـ/777-909م) التي قامت في المغرب الأوسط. والأهم أنّ ابن الصغير لم يكن إباضيا على مذهب الدولة التي كتب عنها، ونقل كثيرا من الأحداث و الفتن التي سكتت عنها الأقلام الإباضية كالشماخي والدجيني وأبي زكريا، ولا تزال المعلومات التي نشرها وحققها موتيلنسكي المصدر الوحيد عند المؤرخين والباحثين عن هذا المخطوط، و لم يُعثر على النسخة الأصلية لحد الآن، رغم أنّ موتيلنسكي قد ذكر بأنّه رأى نسخة مخطوطة في خزائن سهل ميزاب مطلع القرن الماضي (ق 20م). وتحدث الأستاذ فريد بودربالة (جامعة وهران) عن جهود المستشرق الإنجليزي آرثر جيفري (1892-1959) في تحقيق التراث الإسلامي. وجاءت المداخلة الأخيرة للأستاذ محمد لعباسي (جامعة وهران) عن تحقيق المستشرقين لكتب الرياضيات في بلاد المغرب والأندلس، ومن أبرزهم المستشرق الفرنسي فرانس فوبكه (1826-1864). ترأس الجلسة السابعة الدكتور محمد موفق (جامعة وهران). وقدم الباحث الأستاذ بلقاسم ضيف (الجلفة) مداخلة بعنوان: " المستشرقون ودورهم في تحقيق ونشر معاجم اللغة العربية". فحقل المعاجم من الحقول الخصبة للعمل الاستشراقي، فقد بذل المستشرقون جهودا كبيرة في نشر وتأليف المعاجم واهتموا بالتعقيب والاستدراك على المعاجم العربية القديمة، وزادوا في المعاني، وتوسعوا في المقارنات وصنفوا قوانين الألفاظ والمصطلحات كما تخصص بعضهم بالقواميس الخاصة بالألفاظ الشعبية أو العامية الدارجة، واللهجات العربية المختلفة وقد ينطوي الجهد الذي بذله المستشرقون في المعاجم أي جهدا آخر في حقل اللغة وتحقيق المخطوطات. فقد نشر المستشرق الإنجليزي ماثيو لمسدن (1777-1835) القاموس المحيط لمجد الدين الفيروز أبادي سنة1817 في جزأين مع مقدمة بالانجليزية وترجمة لصاحبه بالعربية. ونشر المستشرق الألماني غوستاف ليبرشت فلوجل (1802-1870) كتاب "التعريفات للشريف الجرجاني" سنة 1845. وحقق المستشرق الألماني هنري فرديناد وستنفلد (1808-1899) كتاب " معجم ما استعجم " لأبي عبيد البكري، ونشره في جزأين، فصدر الأول منهما عام 1874، والثاني سنة 1877 . كما نشر المستشرق النمساوي دافيد هاينريش مللر (1849-1912) كتاب "الفرق للأصمعي" عام 1876. ونشر المستشرق الهولندي هوتسما ( المتوفي سنة 1943) كتاب "الأضداد" لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري عام 1881. وتضمنت هذه الجلسة بحثا مشتركا قدمه الأستاذان سليمان صديقي ومحمد الكبير فقيقي عن "رحلة إبن بطوطة بين التحقيق الإستشراقي والتحقيق المغربي". لقد اهتم المستشرقون بنشر أجزاء هذه الرحلة وترجمتها، فأخذوا يبحثون عنها وعن نسخها المختلفة إلى أن تمكن المستشرق السويسري جون لويس بوركهارت (1784-1817) من الوصول إلى مختصر للرحلة في أعقاب المهمة التي كلف بها عام 1809. كما تمكن المستشرق " ستزن" وهو بالمشرق سنة 1810 من الحصول على مختصر آخر للرحلة، وهكذا استمرت جهود المستشرقين في جمع النسخ إلى أن تمكن الفرنسيان ديفريميري و سانكينتي ما بين 1853و1858 بتكليف من "الجمعية الأسيوية" من استكمال جمع النسخ المتبقية مما حصل عليه الفرنسيون بعد أن فرضوا هيمنتهم على الجزائر، حيث نشر الاثنان الرحلة مترجمة في أربع مجلدات. وأصبحت الرحلة في متناول العالم الغربي وكذلك العربي والإسلامي، ثم شرعت عملية ترجمة الرحلة إلى لغات عديدة. وهكذا تمكن المستشرقون من نشر الرحلة في أوساط عديدة دون أن تكون أمامهم الفرصة والإمكانيات المعرفية اللازمة لتحقيق الرحلة من جميع الجوانب. ثم جاء تحقيق الأكاديميين المغاربة المعاصرين (محمد الهادي التازي بشكل خاص) متأخرا بزمن طويل عن عمل المستشرقين في هذا المجال، لظروف تاريخية اتسمت بالهيمنة الاستعمارية الأوروبية على العالم العربي والإسلامي. وتحدث بعدهما الدكتور بن عتو بلبروات (جامعة سيدي بلعباس) عن اهتمام الاستشراق الفرنسي برحلة الباي محمد الكبير إلى الجنوب الجزائري. وقد قام المستعرب جورجيوس بتحقيق وترجمة الرحلة ونشرها في أربع حلقات في "المجلة الإفريقية" التابعة للجمعية التاريخية الجزائرية بين 1856 و1859. وفي موضوع علم الجغرافيا عند المسلمين، حاضر كل من الأستاذ بن علي بوبكر (جامعة بشار) الذي ركز على علم الجغرافيا في كتابات المستشرق الروسي اغناطيوس جوليانوفتس كراتشكوفسكي (1883-1958)، وتحدث الأستاذ الهواري ملاح (جامعة وهران) عن نشر المستشرقين للتراث الجغرافي العربي، فقد أصدر المسترق الألماني فرديناند فستنفلد (1808-1899) كتاب "معجم البلدان" لياقوت الحموي، وكتاب "وصف العالم" للقزويني. ونشر المسترق البريطاني وليم رايت (1830-1889) لكتاب رحلة إبن جبير. وساهم المستشرق الهولندي ميخائيل جان دي جويه (1830-1889) في إصدار "المكتبة الجغرافية العربية" في عشرة أجزاء لكبار الجغرافيين المسلمين. ولابد أن نشير هنا إلى أن كل المداخلات تضمنت مداخل شرح من خلالها المحاضرون مفهوم الإستشراق وتابعوا تطوه، وفكوا العلاقة التي تربط الكثير من المستشرقين بالمؤسسات الاستعمارية. وكانت معظم المحاضرات تتسم بالجدية والرصانة العلمية. وبعد الاستماع إلى المحاضرات التي قدمها الأساتذة، والمناقشات التي دارت حولها، خرج المشاركون بمجموعة توصيات، من أهمها: - إعداد فهرسة خاصة بتراجم المستشرقين تكون مرجعا للباحثين في حقل الدراسات الإستشراقية. - فتح تخصص الدراسات الإستشراقية بكليات العلوم الإنسانية والإسلامية. - العمل على ترجمة أعمال المستشرقين المتعلقة بالتراث الجزائري. - طبع أعمال الملتقى في عدد خاص من مجلة المخبر المنظم لهذا الملتقى العلمي. وتناول الكلمة في ختام الملتقى الدكتور عبد المجيد بن نعميّة، مدير المخبر والدكتور محمد بن معمر رئيس قسم التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية للثناء على المحاضرين والمناقشين من الأساتذة والطلبة. وفي الأخير تليت آيات بيّنات من الذكر الحكيم. ورفعت الجلسة على أمل اللقاء في شهر نوفمبر القادم بحول الله في ملتقى آخر حول إسهامات الباحثين الجزائريين في تحقيق التراث العربي الإسلامي.
| |
|